فصل: قال الصابوني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال سيد قطب:

سورة فاطر:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
مقدمة سورة فاطر:
هذه السورة المكّية نسق خاص في موضوعها وفي سياقها. أقرب ما تكون إلى نسق سورة الرعد. فهي تمضي في إيقاعات تتوالى على القلب البشري من بدئها إلى نهايتها. إيقاعات موحية مؤثرة تهزه هزًا، وتوقظه من غفلته ليتأمل عظمة هذا الوجود، وروعة هذا الكون؛ وليتدبر آيات الله المبثوثة في تضاعيفه، المتناثرة في صفحاته؛ وليتذكر آلاء الله، ويشعر برحمته ورعايته؛ وليتصور مصارع الغابرين في الأرض ومشاهدهم يوم القيامة؛ وليخشع ويعنو وهو يواجه بدائع صنع الله، وآثار يده في أطواء الكون، وفي أغوار النفس، وفي حياة البشر، وفي أحداث التاريخ. وهو يرى ويلمس في تلك البدائع وهذه الآثار وحدة الحق ووحدة الناموس، ووحدة اليد الصانعة المبدعة القوية القديرة... ذلك كله في أسلوب وفي إيقاع لا يتماسك له قلب يحس ويدرك، ويتأثر تأثر الأحياء.
والسورة وحدة متماسكة متوالية الحلقات متتالية الإيقاعات. يصعب تقسيمها إلى فصول متميزة الموضوعات فهي كلها موضوع واحد. كلها إيقاعات على أوتار القلب البشري، تستمد من ينابيع الكون والنفس والحياة والتاريخ والبعث. فتأخذ على النفس أقطارها وتهتف بالقلب من كل مطلع، إلى الإيمان والخشوع والإذعان.
والسمة البارزة الملحوظة في هذه الإيقاعات هي تجميع الخيوط كلها في يد القدرة المبدعة. وإظهار هذه اليدتحرك الخيوط كلها وتجمعها؛ وتقبضها وتبسطها، وتشدها وترخيها. بلا معقب ولا شريك ولا ظهير.
ومنذ ابتداء السورة نلمح هذه السمة البارزة، وتطرد إلى ختامه.
هذا الكون الهائل نلمح اليد القادرة القاهرة تبرزه إلى الوجود وفق ما تريد:{الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلًا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير}.
وهذه القبضة القوية تنفرج فترسل بالرحمة تتدفق وتفيض، وتنقبض فتغلق ينابيعها وتغيض. بلا معقب ولا شريك: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم}.
والهدى والضلال رحمة تتدفق أو تغيض: {فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء}، {إن الله يُسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير}.
وهذه اليد تصنع الحياة الأولى وتنشر الموتى في الحياة الآخرة:{والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابًا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور}.
والعزة كلها لله ومنه وحده تستمد: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعًا}.
والخلق والتكوين والنسل والأجل خيوطها كلها في تلك اليد لا تند عنها:{والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجًا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير}:
وفي تلك القبضة تتجمع مقاليد السماوات والأرض وحركات الكواكب والأفلاك {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير}.
ويد الله المبدعة تعمل في هذا الكون بطريقتها المعلمة، وتصبغ وتلون في الجماد والنبات والحيوان والإنسان: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفًا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك}.
وهذه اليد تنقل خطى البشر، وتورث الجيل الجيل: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}، {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض}.
وهي تمسك بهذا الكون الهائل تحفظه من الزوال؛ {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده}.
وهي القابضة على أزمة الأمور لا يعجزها شيء على الإطلاق: {وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض}.
وهو {على كل شيء قدير}.. وهو {العزيز الحكيم}.. {وإلى الله ترجع الأمور}وهو {عليم بما يصنعون}.. {وله الملك}.. وهو {الغني الحميد}.. {وإلى الله المصير}.. وهو {عزيز غفور}.. وهو {غفور شكور}.. وإنه بعباده {لخبير بصير}.. وهو {عالم غيب السماوات والأرض}.. وهو {عليم بذات الصدور}.. وكان {حليمًا غفورًا}.. وكان {عليمًا قديرًا}.. وكان {بعباده بصيرًا}.
ومن تلك الآيات وهذه التعقيبات يرتسم جو السورة، والسمة الغالبة عليها، والظل الذي تلقيه في النفس على وجه العموم.
ونظرًا لطبيعة السورة فقد اخترنا تقسيمها إلى ستة مقاطع متجانسة المعاني لتيسير تناولها. وإلا فهي شوط واحد متصل الإيقاعات والحلقات من بدئها إلى نهايتها.. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة فاطر مكية وآياتها خمس وأربعون آية.

.بين يدي السورة:

سورة فاطر مكية نزلت قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تتناول الغرض العام، الذي نزلت من أجله الآيات المكية، وهي قضايا العقيدة الكبرى الدعوة إلى توحيد الله، وإقامة البراهين على وجوده، وهدم قواعد الشرك، والحث على تطهير القلوب من الرذائل، والتحلي بمكارم الأخلاق.
تحدثت السورة الكريمة في البدء عن الخالق المبدع، الذي فطر الأكوان، وخلق الملائكة والإنس والجان، وأقامت الأدلة والبراهين على البعث والنشور، في صفحات هذا الكون المنظور، بالأرض تحيا بعد موتها، بنزول الغيث، وبخروج الزروع والفواكه والثمار، وبتعاقب الليل والنهار، وفي خلق الإنسان في أطوار، وفي إيلاج الليل في النهار، وغير ذلك من دلائل القدرة والوحدانية {والله الذي أرسل الرياح فتمير سحابا فسقناه إلى بلد ميت} الآيات.
وتحدثت عن الفارق الكبير بين المؤمن والكافر، وضربت لهما الأمثال بالأعمى والبصير، والظلمات والنور، والظل والحرور {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور} الآيات.
ثم تحدثت عن دلائل القدرة في اختلاف أنواع الثمار، وفي سائر المخلوقات من البشر والدواب والأنعام، وفي اختلاف أشكال الجبال والأحجار، ولنوعها ما بين أبيض وأسود وأحمر، وكلها ناطقة بعظمة الواحد القهار {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود} الآيات.
وتحدثت بعد ذلك عن ميراث هذه الأمة المحمدية لأشرف الرسالات السماوية، بإنزال هذا الكتاب المجيد الجامع لفضائل كتب الله، ثم انقسام الأمة إلى ثلاثة أنواع: المقصر، والمحسن، والسابق بالخيرات {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} الآيات.
وختمت السورة بتقريع المشركين في عبادتهم للأوثان والأصنام والأحجار {قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض} الآيات إلى آخر السورة الكريمة.

.التسمية:

سميت فاطر لذكر هذا الاسم الجليل، والنعت الجميل في طليعتها، لما في هذا الوصف من الدلالة على الإبداع والاختراع، والإيجاد لا على مثال سابق، ولما فيه من التصوير الدقيق، المشير إلى عظمة ذي الجلال، وباهر قدرته، وعجيب صنعه، فهو الذي خلق الملائكة وأبدع تكوينهم بهذا الخلق العجيب.. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة الملائكة مكية وقد ذكر نظيرتها في البصري ونظيرتها في المدني الأول والمكي والنازعات وفي الكوفي ق فقط ولا نظير لها في المدني الأخير والشامي.
وكلمها سبع مئة وسبع وسبعون كلمة.
وحروفها ثلاثة آلاف ومئة وثلاثون حرفا.
وهي أربعون وست آيات في المدني الأخير والشامي وخمس في عدد الباقين.
اختلافها سبع آيات {لهم عذاب شديد} وهو الأول عدها البصري والشامي ولم يعدها الباقون {بخلق جديد} {الأعمى والبصير} {ولا النور} لم يعدهن ثلاثتهن البصري وعدهن الباقون {من في القبور} لم يعدها الشامي وعدها الباقون {أن تزولا} عدها البصري ولم يعدها الباقون {لسنة الله تبديلا} عدها المدني الأخير والبصري والشامي ولم يعدها الباقون.
وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودا بإجماع ثلاثة مواضع {لهم عذاب شديد} وهو الثاني {جدد بيض}، {وجاءكم النذير}.

.ورءوس الآي:

1- {قدير}.
2- {الحكيم}.
3- {تؤفكون}.
4- {الأمور}.
5- {الغرور}.
6- {السعير}.
7- {كبير}.
8- {يصنعون}.
9- {النشور}.
10- {يبور}.
11- {يسير}.
12- {تشكرون}.
13- {قطمير}.
14- {خبير}.
15- {الحميد}.
16- {جديد}.
17- {بعزيز}.
18- {المصير}.
19- {والبصير}.
20- {النور}.
21- {الحرور}.
22- {القبور}.
23- {نذير}.
24- {نذير}.
25- {المنير}.
26- {نكير}.
27- {سود}.
28- {غفور}.
29- {تبور}.
30- {شكور}.
31- {بصير}.
32- {الكبير}.
33- {حرير}.
34- {شكور}.
35- {لغوب}.
36- {كفور}.
37- {نصير}.
38- {الصدور}.
39- {خسارا}.
40- {غرورا}.
41- {غفورا}.
42- {نفورا}.
43- {تبديلا}.
44- {تحويلا}.
45- {قديرا}.
46- {بصيرا}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة فاطر:
فطر الشيء: أوجده على غير مثال سابق، رسلا: أي وسائط بينه وبين أنبيائه يبلغون عنه رسالاته، مثنى وثلاث ورباع: أي اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة.